تمثل الرعاية التلطيفية إحدى أهم مراحل الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي لمرضى السرطان، وتهدف إلى تحسين جودة الحياة للمريض وأسرته في مواجهة تحديات المرض.
وفي هذه المرحلة الحساسة، يلعب الأخصائي الاجتماعي دورًا جوهريًا يربط بين الرعاية الطبية والدعم الإنساني، من خلال العمل المهني المتكامل مع الفريق الطبي والمريض وذويه.
🌿 أولًا: فهم طبيعة الرعاية التلطيفية
الرعاية التلطيفية لا تقتصر على معالجة الأعراض الجسدية فحسب، بل تشمل الاهتمام بالاحتياجات النفسية والاجتماعية والروحية للمريض.
وهي تسعى إلى تخفيف المعاناة، وتعزيز الكرامة الإنسانية، ومساعدة المريض على التكيف مع واقع المرض المزمن أو المهدد للحياة.
ثانيًا: دور الأخصائي الاجتماعي في الرعاية التلطيفية
🌿 أولًا: دور الأخصائي الاجتماعي مع المريض
يبدأ الأخصائي الاجتماعي عمله مع المريض من لحظة إدخاله إلى برنامج الرعاية التلطيفية، حيث يسعى إلى بناء علاقة مهنية قائمة على الثقة والاحترام والتفهم العميق لظروف المريض.
ويتضمن دوره مع المريض ما يلي:
-
التقييم الشامل للحالة الاجتماعية والنفسية:
يقوم الأخصائي بجمع معلومات دقيقة حول خلفية المريض الاجتماعية، حالته الاقتصادية، شبكة الدعم، ومدى تكيفه النفسي مع المرض، وذلك لتحديد الاحتياجات ووضع خطة تدخل مهنية متكاملة. -
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي:
يعمل الأخصائي على مساعدة المريض في التعبير عن مشاعره، والتعامل مع مشاعر الخوف والقلق والغضب التي ترافق تجربة المرض.
كما يستخدم أساليب العلاج الجمعي أو الفردي لدعم التكيف وتعزيز الشعور بالقبول والكرامة. -
تعزيز التكيف والقبول الواقعي:
يساعد الأخصائي المريض على تقبّل حالته الصحية تدريجيًا، والتعامل بإيجابية مع القيود الجسدية أو التغيرات في نمط الحياة، مما يسهم في تحسين جودة الحياة رغم وجود الألم. -
تمكين المريض من المشاركة في القرارات العلاجية:
يشجع الأخصائي المريض على التعبير عن رغباته بوضوح فيما يتعلق بخيارات الرعاية والعلاج، ويضمن أن تُؤخذ قراراته بعين الاعتبار ضمن الفريق العلاجي، تحقيقًا لمبدأ التمكين الذاتي والاحترام الإنساني.
💞 ثانيًا: دور الأخصائي الاجتماعي مع الأسرة
تُعد الأسرة ركيزة أساسية في منظومة الرعاية التلطيفية، وغالبًا ما تواجه ضغوطًا نفسية واقتصادية واجتماعية بسبب طبيعة المرض ومساره الطويل.
وهنا يتدخل الأخصائي الاجتماعي ليكون الداعم والموجه للأسرة من خلال:
-
تثقيف الأسرة حول طبيعة المرض والرعاية التلطيفية:
يوضح الأخصائي لأفراد الأسرة أهداف الرعاية التلطيفية وأدوارهم المتوقعة، مما يقلل من الصدمة ويعزز التفاهم والتعاون بينهم وبين الفريق العلاجي. -
تقديم الدعم الانفعالي والعاطفي:
يوفّر الأخصائي مساحة آمنة لأفراد الأسرة للتعبير عن حزنهم ومخاوفهم، ويساعدهم في التعامل مع مشاعر العجز أو الذنب أو الإنكار التي قد ترافقهم خلال رحلة المريض. -
تمكين الأسرة من مهارات الرعاية:
يدرّب الأخصائي الأسرة على كيفية تقديم الرعاية اليومية للمريض بطريقة إنسانية تراعي كرامته واحتياجاته، ويزوّدهم بالمصادر والخدمات المتاحة مثل الجمعيات أو المراكز الداعمة. -
الدعم بعد الوفاة (مرحلة الفقد):
بعد وفاة المريض، يستمر دور الأخصائي في مساندة الأسرة خلال فترة الحداد، وتقديم جلسات دعم تساعدهم على التأقلم وإعادة التوازن النفسي والاجتماعي تدريجيًا.
🤝 ثالثًا: دور الأخصائي الاجتماعي مع الفريق العلاجي
يعمل الأخصائي الاجتماعي ضمن فريق متعدد التخصصات يضم أطباء، ممرضين، أخصائيين نفسيين وروحيين، ومعالجين طبيعيين.
ويُسهم من خلال دوره في بناء بيئة علاجية متكاملة تحقق الاستجابة الشاملة لاحتياجات المريض. وتشمل أدواره ما يلي:
-
المشاركة في التخطيط العلاجي:
يقدّم الأخصائي رؤيته الاجتماعية والنفسية أثناء وضع الخطة العلاجية، ليضمن أن تكون القرارات الطبية متوافقة مع واقع المريض الأسري والاقتصادي والثقافي. -
التنسيق بين الخدمات والجهات المختلفة:
ينسّق الأخصائي بين المستشفى والجهات المجتمعية أو الجمعيات الخيرية لتأمين احتياجات المريض من دعم مادي أو لوجستي، مما يعزز استمرارية الرعاية بعد الخروج من المستشفى. -
تعزيز التواصل داخل الفريق:
يسهم في بناء روح التعاون والتفاهم الإنساني بين أعضاء الفريق، ويعمل على حل الخلافات المهنية أو سوء الفهم الذي قد يؤثر في جودة الخدمة المقدمة للمريض. -
المساهمة في التدريب والتثقيف المهني:
يشارك الأخصائي في تدريب الكوادر الطبية والتمريضية حول الجوانب الاجتماعية والنفسية لمرضى السرطان، ويعمل على نشر ثقافة الرعاية الشاملة والرحيمة.
🌸 الخلاصة
إن الأخصائي الاجتماعي في مجال الرعاية التلطيفية لمرضى السرطان هو صوت الإنسانية في بيئة العلاج.
فهو لا يداوي الجسد فقط، بل يلمس القلوب، ويُعيد للمريض والأسرة إحساسهم بالكرامة والأمان في أصعب مراحل الحياة.
إنه حلقة الوصل بين الأمل والواقع، بين الطب والإنسان، ومن خلال دوره المهني المتكامل يسهم في جعل الرحلة العلاجية أكثر رحمة وإنسانية.
شاركنا رايك في المقال في التعليقات وحدثنا عن تجربتك ان كنت قد سبق لك التعامل مع حالة مشابهة؟
المراجع
Oncology and Palliative Social Work: Psychosocial Care for People Coping With Cancer — Susan Hedlund, Bryan Miller, Grace Christ, Carolyn Messner
Oncology social workers’ involvement in palliative care: Secondary data analysis from nationwide oncology social workers survey
خياط، أفنان،.(2019)معوقات ممارسة الأخصائي الاجتماعي للرعاية التلطيفية مع مرضى السرطان وتصور مقترح للتعامل معها. رسالةماجستير، جامعة أم القرى،مكة المكرمة
القرني محمد, محمد و آخرون.(,الخدمة الاجتماعية الطبية والعمل مع مرضي السرطان. مكتبة الرشد. السعودية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق